أهمية السنة وفضلها
- السنة هي كل ما صدر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو صفة أو تقرير أو عمل أو سكوت عن شيء.
- وتعد السنة هي ثاني مصادر ومنابع التشريع الإسلامي بعد السنة القرآن الكريم، والسنة النبوية مقوية ومكملة للقرآن الكريم ومفسرة وشارحة للكثير من آياته.
- وترتبط السنة النبوية بالكثير من أسباب نزول آيات القرآن الكريم وسورة، إذ تكون أسباب النزول عادة مرتبطة بموقف حدث للنبي صلى الله عليه وسلم أو أمامه.
- وقد أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: (وأطيعوا الله ورسوله)، وأمر باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).
- والنبي صلى الله عليه وسلم أمر باتباع سنته فقال: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي).
- ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن مخالفة سنته، واعتبر من يخالف سنته فليس من المسلمين، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:”من رغب عن سنتي فليس مني”.
- وأمر المحافظة على السنة الصحيحة واتباعها وعدم الاختلاق والكذب عليه فقال: “من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”
أسباب تدوين السنة النبوية
قبل معرفة أول من دون السنة النبوية كانت هناك عدة أسباب استدعت التفكير بعد عصر الصحابة في تدوين السنة النبوية ومن أبرز تلك الأسباب:
- رغم تدوين القرآن الكريم في عهد الخليفة الأول أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- وتحددت سور القرآن ومواضع السور والآيات في أماكنها في عهد الخليفة الثالث أبي بكر – رضي الله عنه- إلا أن البعض كانوا يخلطون بين السنة والقرآن.
- ومن هنا كان هناك تخوف كبير من أن يستمر هذا الخلط ويزداد ومن هنا كان التفكير في كتابة وجمع السنة النبوية حتى يمكن التفريق بينها وبين القرآن الكريم.
- بالإضافة إلى كثرة الوضع والتلفيق الذي بدا ظاهرًا من البعض على لسان النبي –صلى الله عليه وسلم- فكان هناك تخوف من أن يستمر الوضع في الأحاديث النبوية.
- وبعد مرور ما يقارب المائة عام على الهجرة النبوية ووفاة عدد كبير من الحفاظ والصحابة الذين كانوا يحفظون الأحاديث فخيف عليها من الضياع إن لم تدون، ومن هنا تم التفكير في وضع خطة ومنهج لتدوين السنة النبوية.
أول من دون السنة النبوية
- أول من دون السنة النبوية المحدث الحافظ التابعي ابن شهاب الزهري بتكليف من قاضي المدينة أبي بكر بن حزم بأوامر صدرت من خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه- لما لاحظ كثرة الكذب والوضع السنة واختلاق الأحاديث الموضوعة، وخاصة بعد قبض عدد كبير من الصحابة.
- وقد اقتضى ذلك أن يرسل إلى قاضي المدينة يومئذٍ أبي بكر بن حزم، وقام بعرض تدوين السنة عليه، فوافق على الفور أسوة بجمع القرآن في عهد الخليفة أبي بكر.
- وقد اهتم قاضي المدينة بالموضوع أيما اهتمام وكلف العالم والتابعي الجليل ابن شهاب الزهري الذي جهز خطته وأعد منهجه من أجل جمع السنة النبوية فكان بذلك أول من دون السنة النبوية فعليًا.
- ثم استمرت عملية تدوين السنة النبوية الصحيحة بعد ذلك على يد جماعة من أبرز التابعين والعلماء على رأسهم الإمام مالك بن أنس صاحب المذهب المشهور والمصنف الأشهر (الموطأ).
خطوات تدوين السنة النبوية
لم تتم عملية جمع السنة بالصورة التي وصلت إلينا بها الآن في خطوة واحدة، وإنما مرت عملية جمع السنة وتدوينها على عدة خطوات، أبرزها:
- في بداية الأمر كانت السنة محفوظة في قلوب الصحابة والتابعين من بعدهم، فلما خيف عليها من الضياع، كان التفكير في عملية التدوين وجمع السنة في كتب، مع طرح الكثير من الضوابط لانتقاء الأحاديث المدونة.
- وبعدها ومع مرور الوقت تزايدت عملية التنقيب والبحث عن الأحاديث والسنة النبوية على يد فئة من الأعلام والحفاظ والمحدثين الذين كان لهم دراية وخبرة بعمليات الجرح والتعديل وأنواع الحديث وطرق نقله وعلمي السند والمتن وغير ذلك من مصطلحات الحديث.
- ثم كانت هناك خطوة تقسيم أبواب المصنفات التي شملت الأحاديث النبوية، حيث اهتم جماعة بتقسيمها إلى أبواب فقهية كما هو الحال بالنسبة لصحيح البخاري ومسلم.
- ومنهم من قسمه باعتبار السنة سنن أبي داود وابن ماجة والترمذي والنسائي.
- ومنهم من قسم مصنفه حتى الإسناد مثل مسند الإمام أحمد بن حنبل.
- وتم التبحر في علم الحديث حيث أسست مناهجه على نحو كامل وقسم علم مصطلح الحديث إلى قسمين رئيسيين هما: علم الحديث دراية، وعلم الحديث رواية.
أهمية تدوين السنة النبوية
إن عملية تدوين السنة النبوية الصحيحة المروية عن النبي –عليه الصلاة والسلام- قد وفر للأمة جميعًا كثيرًا من الخدمات الجليلة وينبغي أن يثنى على أول من دون السنة النبوية وأبرز تلك الخدمات والفوائد:
- معرفة الكثير من الأحكام الفقهية والشرعية وأعمالا العبادات التي لم يرد فيها نص قرآني بات وقاطع.
- كما أنها مع القرآن الكريم ساهمت في المحافظة على الدين من التزوير والتزييف الذي وقع في ديانات أخرى، من خلال تبني بعض القواعد والمبادئ التي تعتمد على صحة المتن والسند.
- حفظ عملية تدوين السنة السنة نفسها من الخلط بينها وبين أقوال الصحابة أو حكم العرب وأمثالهم.
- بالتدوين تم التفريق بين أنواع الأحاديث الصحيحة و الموقوفة والمرفوعة والمقطوعة والضعيفة والموضوعة ودرجة الحديث.
- وقد ساعدت عملية جمع الحديث وتدوين السنة على الحفاظ على العقل البشري من الأوهام والإسرائيليات التي بدأت تتسلل إلى العقول ظنًا مهم أنها أحاديث صحيحة.
- وكان تدوين السنة بطريقة صحيحة سببًا في وصول السنة إلينا حتى عصرنا الحاضر.
منهج المحدثين في تدوين السنة
- كان التدوين في أول الأمر مندمجًا مختلطًا مع أقوال الصحابة والتابعين كما هو الحال في موطأ الإمام مالك الذي وضع في القرن الثاني الهجري سنة 176 هـ والذي قسمه على هيئة أبواب فقهية، وساق من الأدلة على الحكم من الأحاديث وأقوال الصحابة والتابعين ورأي أهل المدينة، فلم يكن هذا المصنف خاصًا بالأحاديث وحدها.
- وقد نشطت حركة التدوين في العقد الأخير من القرن الثاني الهجري والعقد الأول من القرن الثالث الهجري، وأصبح تصنيف السنة مستقلاً بمصنفات خاصة، مثل صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن ابن ماجة وأبي داوود، ومسند الإمام أحمد، وغير ذلك من المصنفات التي خدمت السنة خدمة جليلة.
- وبعد أن نشطت حركة التدوين خلال القرن الثالث، جاءت حركة التأليف والتصنيف ووضع قواعد علم الحديث وعلم مصطلح الحديث، ووضعت أسس الجرح والتعديل وعلوم المتن والسند، وكان ذلك أثناء القرن الرابع الهجري.
- وقد تعددت المصنفات التي تهتم بعلم الحديث وشئونه مثل مصنفات الزوائد، والأطراف، وغريب الحديث، وكتب المتون وشروح الحديث، وكتب المشكل، وكتب التواتر ، ومصنفات مصطلح الحديث وغير ذلك من المصنفات.
وفي الختام نرجوا أن نكون قد قدمنا موضوعًا جيدًا عن أول من دون السنة النبوية حيث ذكرنا الجدول الزمني لعملية تدوين السنة النبوية، والمراحل والخطوات المرت بها حركة تدوين السنة، والفوائد التي عادت على الإسلام وعلى السنة من عملية التدوين، المنهج الذي اتبعه المحدثون في التدوين، مع تمنياتنا بقراءة ممتعة.