اسلامياتتفاسير قرآنية

سبب نزول سورة العلق

سبب نزول سورة العلق ينبهنا إلى أهمية تلك السورة، حيث تعد سورة العلق أول سورة نزلت في القرآن حيث نزلت على النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء بمكة المكرمة، وهي سورة مكية، عدد آياتها يبلغ 19 آية، والآن سنعرض لكم سبب نزول سورة العلق من خلال موقع النيل.

سبب نزول سورة العلق

نزلت سورة العلق على الرسول صلى الله عليه وسلم لتقول له بأن يقرأ ما نزل عليه من قرآن بادئا باسم الله الذي وحده سواه يخلق الخلق، ويخلق كل إنسان من قطعة دم حمراء غليظة، وأن إحسانه كثير، يعلم كل إنسان ما لم يكن يعرفه ويعلمه الكتابة بالقلم، حيث ينقله من ظلم الجهل إلى نور العلم.

سبب تسمية سورة العلق بهذا الاسم وتفسيرها

تبدأ سورة العلق بالآية الكريمة: ” ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (2) “، في هذه الآية الكريمة يبين لنا الله سبحانه وتعالى كيف خلق الإنسان من العلق وهو الدم المتجمد.

الآيات الثالثة والرابعة والخامسة والتي تقول: ” ٱقۡرَأۡ وَرَبُّكَ ٱلۡأَكۡرَمُ (3) ٱلَّذِي عَلَّمَ بِٱلۡقَلَمِ (4) عَلَّمَ ٱلۡإِنسَٰنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ “.

توجه تلك الآية النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة ما أنزل عليه من آيات، وأن الله سبحانه وتعالى كثير الكرم والإحسان وأن الله تعالى علم الإنسان الكتابة بالقلم، وعلمه أيضا ما لم يكن يعلمه ويجهله وإخراجه من ظلمات الجهل إلى نور العلم.

الآيات السادسة والسابعة والثامنة والتي تقول: ” لَّآ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَيَطۡغَىٰٓ (6) أَن رَّءَاهُ ٱسۡتَغۡنَىٰٓ (7) إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجۡعَىٰٓ (8) “.

فتتحدث عن طغيان الإنسان في حياته وطبعه المتمرد، حيث أنه إذا أصبح ثريا قام بالتمرد والجحود على نعمة الله تعالى، وذلك من أصل الإنسان، ويدعو الله تعالى في تلك الآيات ضرورة قيام الإنسان بحمده على نعمه.

سورة العلق وقصة أبي جهل

الآيات الأخيرة من الآية التاسعة إلى التاسعة عشر: ” أَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي يَنۡهَىٰ (9) عَبۡدًا إِذَا صَلَّىٰٓ (10) أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ (11) أَوۡ أَمَرَ بِٱلتَّقۡوَىٰٓ (12) أَرَءَيۡتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰٓ (13) أَلَمۡ يَعۡلَم بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ (14) كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ (16) فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ (17) سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب۩ (19) “.

تتحدث تلك الآيات عن عمرو بن هشام (أبو جهل) وما فعله عندما توعد الرسول صلى الله عليه وسلم عند بيت الله الحرام، فقام أبو جهل بدعوة اهله وسادة قريش وأقسم أمامهم بأنه إذا صلى الرسول عليه الصلاة والسلام في الكعبة فسيضع قدمه فوق عنق الرسول.

عندما علم النبي بتلك الحادثة لم يعر انتباها لكلام أبي جهل، وذهب للصلاة في الكعبة غير مباليا بتحذيره، فلما بلغ أبو جهل ذلك، ذهب في غضب عارم ليضع قدمه فوق عنق النبي عليه الصلاة والسلام.

لكن عندما اقترب لفعل ذلك، ظل في مكانه وانتابته حالة ذهول ولم يجرؤ القيام بذلك إلى أن انتهى النبي من صلاته، فعاد أبو جهل إلى اهله وسادة قريش وتعجبوا مما حدث وتساءلوا عما حال بينه وبين فعل ذلك، فقال انه رأى خندقا من النار بينه وبين النبي عليه السلام وأجنحه كادت أن تخطفه.

الوعيد لأبي جهل

” أَرَءَيۡتَ إِن كَانَ عَلَى ٱلۡهُدَىٰٓ (11) أَوۡ أَمَرَ بِٱلتَّقۡوَىٰٓ (12) ” تشير إلى أن كيف لأبي جهل ينهى عن الصلاة للمهتدي الداعي للحق مستقيما به.

ثم توعد الله أبي جهل وقال ” كَلَّا لَئِن لَّمۡ يَنتَهِ” حتى يتراجع عن فعله الضال، حيث أنه إذا لم ينته عن القيام بأذى النبي عليه السلام.

يترتب على ذلك ” لَنَسۡفَعَۢا بِٱلنَّاصِيَةِ”: أي سيتم أخذ مقدمة شعر الرأس وقذفه في النار بشدة وعنف، ” نَاصِيَةٖ كَٰذِبَةٍ خَاطِئَةٖ”: أي أن صاحب تلك مقدمة شعر الرأس مجرم، كثير الآثام والذنوب.

” فَلۡيَدۡعُ نَادِيَهُۥ (17) سَنَدۡعُ ٱلزَّبَانِيَةَ”: يقسم الله تعالى بأنه إذا دعا أبا جهل أهله وسادة قريش فإنه تعالى سوف يدعو له خزنة جهنم وتأخذه أخذا عنيفا إلى جهنم.

تختتم السورة بقوله: ” كَلَّا لَا تُطِعۡهُ وَٱسۡجُدۡۤ وَٱقۡتَرِب”: أي لا تطع أيها الرسول الكريم كلام الكافر أبي جهل واسجد لله وحده سبحانه وتعالى وتقرب منه، فالعبد يكون أقرب لله تعالى وهو ساجد.

فضل سورة العلق

وسميت سورة العلق بذلك الاسم إشارة إلى قوله تعالى:” قۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِنۡ عَلَقٍ (2) “، ولكن في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم تعرف بهذا الاسم ولكن كانت تسمى سورة: اقرأ باسم ربك”.

أما الإمام البخاري فأطلق عليها سورة ” اقرأ باسم ربك الذي خلق” وآخرون أطلقوا عليها ” اقرأ ” وفئة أخرى أطلقت عليها اسم ” اقرأ والعلق”، أما بعض المفسرين فأطلقوا عليها ” القلم ” ولكن هذا الاسم سميت به سورة ” ن “.

فضل سورة العلق لا يضاهي فضل أي سورة أخرى فهي أول سورة نزل بها الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم، وبداية تكليفه برسالة الله تعالى والبدء في دعوة العالم أجمع إلى عبادة الله وحده لا شريك له والابتعاد عن عبادة الأصنام.

كما أنها أنزلت في شهر رمضان الكريم أثناء قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بالتعبد في غار حراء.

تتناول السورة عظمة القراءة والكتابة وأهميتهم الكبرى، ومن ذلك نعرف أنه أول ما نادى به الإسلام هو العلم والتعلم والقضاء على الجهل لأنه الركيزة الأساسية لقيام المجتمعات ونجاحها.

اثارت سورة العلق انتباه الإنسان إلى كيفية خلقه، والتفكير في ذلك وإدراك الهدف الذي من اجله خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان.

تحتوي السورة على تهديد وتحذير شديد لكل إنسان يقوم بتكذيب رسالات الله تعالى ورسله أو إيذاء أي نبي من أنبياء الله تعالى.

قامت السورة بحث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ويتقرب إليه بالسجود كما قال تعالى:” كلا تطعه واسجد واقترب “.

 اقرأ أيضًا: سبب نزول سورة القلم

الدروس المستفادة من سورة العلق

سورة العلق مليئة بالدروس العظيمة وهي:

  • أول أمر جاء به الوحي للرسول الكريم هو القراءة، بسبب عدم معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم بالقراءة والكتابة.
  • إقبال الفرد على العلم دون خوف من عدم الفهم حيث أنه إذا توكل على الله، فسيكرم منه والدليل على ذلك قوله تعالى:” اقرا وربك الأكرم”.
  • كرم الله تعالى الإنسان وميزه بالعقل لكي يستطيع الكتابة والقراءة ويقدر على التعلم وبالتالي يستطيع معرفة الصواب والخطأ.
  • الانتباه إلى نعم الله على الإنسان، سواء كانت النعم علم أو مال وشكره وحمده عليها، فذلك من حقوق الله على الناس.
  • الرجوع إلى الله، لأنه مهما بقى الإنسان في الدنيا، فيجب عليه
    إدراك أنه سوف يفنى يوما ما، والرجوع إلى الله غير مقتصر على الموت فقط، حيث إن الإنسان بمجرد أن يبتلى بمرض أو مشكله فإنه يعود مرة أخرى إلى الله سبحانه وتعالى مهما كانت ثروته وعلمه.
  • التمسك بأمر الله مهما كانت المصاعب، حيث أنه على الرغم من تهديد أبي جهل للرسول صلى الله عليه وسلم نهيه عن الصلاة إلا أن الرسول عليه السلام تمسك بأمر الله بالسجود له والاستمرار في الدعوة.

سبب نزول سورة العلق جاء لنا بدروس عظيمة تعد ركيزة أساسية في حياة أي إنسان، وهذه الدروس كالتقرب إلى الله أولا وأخيرا، المثابرة والصبر على الابتلاءات، التفكر في خلق الله وتدبره وحمده على نعمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى