علاقات

اجمل قصائد المتنبي

اجمل قصائد المتنبي قد أحدثت تأثيرًا ملحوظًا بالشعر العربي، فلم يشهد الأدب العربي قصائد شعرية ببلاغة وجمال قصائده، ويعد المتنبي أحد أقوى الشعراء بتاريخ الشعر العربي، وأشهر شعراء عصره، وقد ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات بجميع أنحاء العالم، وأغلب أشعاره كانت في مدح الحكام والملوك، كما أنه كتب في السياسة والحب والفخر والفراق والرثاء، لذلك فقد اخترنا أجمل قصائد المتنبي كي نستعرضها لكم اليوم في مقالنا.

اجمل قصائد المتنبي في مدح سيف الدولة

كانت علاقة المتنبي بسيف الدولة الحمداني علاقة قوية، واستمرت لفترة طويلة، فقد كانوا أصدقاءًا مقربين، وكان هو شاعر سيف الدولة المفضل، لفصاحته وقوة قصائده، فلم يستطع أي من الشعراء في ذلك الوقت منافسته، وقد كتب المتنبي العديد من القصائد التي يمدح فيها سيف الدولة الحمداني، ومنها:

  • من قصيدة “على قدر أهل العزم”

عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ

وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها

وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ

وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ

وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ

وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ

يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ

نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ

وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ

وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ

  • أبيات أخرى من قصيدة “على قدر أهل العزم”

وَقَفتَ وَما في المَوتِ شَكٌّ لِواقِفٍ

كَأَنَّكَ في جَفنِ الرَدى وَهوَ نائِمُ

تَمُرُّ بِكَ الأَبطالُ كَلمى هَزيمَةً

وَوَجهُكَ وَضّاحٌ وَثَغرُكَ باسِمُ

تَجاوَزتَ مِقدارَ الشَجاعَةِ وَالنُهى

إِلى قَولِ قَومٍ أَنتَ بِالغَيبِ عالِمُ

ضَمَمتَ جَناحَيهِم عَلى القَلبِ ضَمَّةً

تَموتُ الخَوافي تَحتَها وَالقَوادِمُ

بِضَربٍ أَتى الهاماتِ وَالنَصرُ غائِبُ

وَصارَ إِلى اللَبّاتِ وَالنَصرُ قادِمُ

حَقَرتَ الرُدَينِيّاتِ حَتّى طَرَحتَها

وَحَتّى كَأَنَّ السَيفَ لِلرُمحِ شاتِمُ

وَمَن طَلَبَ الفَتحَ الجَليلَ فَإِنَّما

مَفاتيحُهُ البيضُ الخِفافُ الصَوارِمُ

عتاب المتنبي لسيف الدولة

بدأ باقي الشعراء بالغيرة من المتنبي، للمكانة التي وصل لها عند سيف الدولة الحمداني، لذلك عملوا على التفريق بينهم، وأخذوا يدسون السموم في عقل سيف الدولة، وأخذوا يلعبوا بألاعيبهم عليه، فأخبروه أن المتنبي دائمًا ما يقلل من مدح سيف الدولة ويسهب في مديح نفسه في أشعاره، وأنه لا يكن احترامًا له، فتغيرت رؤية سيف الدولة لصديقه المتنبي، وقام بتصديق هؤلاء الشعراء، حينها.. أرسل المتنبي قصيدة طويلة يعاتب فيها سيف الدولة، وفيها أخذ يعتب عليه ويمدحه في نفس الوقت طوال القصيدة، كما استمر في مديح نفسه حتى لا يظهر كمذنب يرجو العفو من سيف الدولة، لذا دعونا نستعرض لكم إحدى أفضل قصائد المتنبي.

واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ

وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ

مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي

وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ

إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ

فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ

قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَتٌ

وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ

فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ

وَكانَ أَحسَنَ ما في الأَحسَنِ الشِيَمُ

فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ

في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ

قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت

لَكَ المَهابَةُ مالا تَصنَعُ البُهَمُ

أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها

أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ

أَكُلَّما رُمتَ جَيشاً فَاِنثَنى هَرَباً

تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ

عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ

وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا

أَما تَرى ظَفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ

تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ

يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي

فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ

أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً

أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ

وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ

إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ

أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي

وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ

أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها

وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ

وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي

حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ

إِذا نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً

فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ

اجمل قصائد المتنبي في الحب

أظهر المتنبي اهتمامًا كبيرًا بالحكمة والفخر والمديح، مما أقل من ظهور أشعاره في الغزل، ولكن بالرغم من هذا، أظهر المتنبي براعة متناهية في تلك الأشعار، ومنها:

  • من قصيدة “جللًا كما بي فليك التبريح“

لمّا تَقَطّعَتِ الحُمُولُ تَقَطّعَتْ

نَفْسِي أسًى وكأنّهُنّ طُلُوحُ

وَجَلا الوَداعُ من الحَبيبِ مَحاسِناً

حُسْنُ العَزاءِ وقد جُلينَ قَبيحُ

فَيَدٌ مُسَلِّمَةٌ وطَرْفٌ شاخِصٌ

وحَشاً يَذوبُ ومَدْمَعٌ مَسفُوحُ

يجدُ الحَمامُ ولوْ كوَجدي لانْبَرَى

شَجَرُ الأراكِ مَعَ الحَمامِ يَنُوحُ

  • من قصيدة “الحب ما منع الكلام الألسنا“

الحُبُّ ما مَنَعَ الكَلامَ الأَلسُنا

وَأَلَذُّ شَكوى عاشِقٍ ما أَعلَنا

لَيتَ الحَبيبَ الهاجِري هَجرَ الكَرى

مِن غَيرِ جُرمٍ واصِلي صِلَةَ الضَنا

بِنّا فَلَو حَلَّيتَنا لَم تَدرِ ما

أَلوانُنا مِمّا اِمتُقِعنَ تَلَوُّنا

وَتَوَقَّدَت أَنفاسُنا حَتّى لَقَد

أَشفَقتُ تَحتَرِقُ العَواذِلُ بَينَنا

أَفدي المُوَدِّعَةَ الَّتي أَتبَعتُها

نَظَراً فُرادى بَينَ زَفراتٍ ثُنا

أَنكَرتُ طارِقَةَ الحَوادِثِ مَرَّةً

ثُمَّ اِعتَرَفتُ بِها فَصارَت دَيدَنا

وَقَطَعتُ في الدُنيا الفَلا وَرَكائِبي

فيها وَوَقتَيَّ الضُحى وَالمَوهِنا

  • من قصيدة “أهلًا بدار سباك أغيدها“

يَا حَادِيَيْ عيسِهَا وَأحْسَبُني

أُوجَدُ مَيْتاً قُبَيْلَ أفْقِدُهَا

قِفَا قَليلاً بها عَليّ فَلا

أقَلّ مِنْ نَظْرَةٍ أُزَوَّدُهَا

فَفي فُؤادِ المُحِبّ نَارُ جَوًى

أحَرُّ نَارِ الجَحيمِ أبْرَدُهَا

شَابَ مِنَ الهَجْرِ فَرْقُ لِمّتِهِ

فَصَارَ مِثْلَ الدّمَقْسِ أسْوَدُهَا

يَا عَاذِلَ العَاشِقِينَ دَعْ فِئَةً

أضَلّهَا الله كَيفَ تُرْشِدُهَا

  • من قصيدة “منى كن لي أن البياض خضاب“

وَمَا العِشْقُ إلاّ غِرّةٌ وَطَمَاعَةٌ

يُعَرّضُ قَلْبٌ نَفْسَهُ فَيُصَابُ

وَغَيرُ فُؤادي للغَوَاني رَمِيّةٌ

وَغَيرُ بَنَاني للزّجَاجِ رِكَابُ

عن حياة المتنبي

برع المتنبي في كتابة المديح، فكانت له كثير من الأشعار التي تدور حول مديحه بالحكام الذين استضافوه بقصورهم، وتعد قصائده (وهم 326 قصيدة) خير سيرة ذاتية له، فهي تظهر قصة حياته بشكل كبير.

بالرغم من حداثة سنه، بدأ المتنبي في كتابة الشعر من عمر التاسعة، وقد ناقش في أشعاره مواضيع عدة منها: الحياة، وصف المعارك، الشجاعة، وكذلك المديح، فقد قام بمديح سيف الدولة (كما أوضحنا من قبل) في الكثير من أشعاره، لكونهما أصدقاء مقربين، فمدحه المتنبي عند انتصاراته العسكرية العديدة.

لم تفرغ حياة المتنبي من الأحداث الدرامية (كما أوضحنا من قبل)، فعندما سئم منها اتخذ مصر وجهة له، والتي كان يحكمها كافور الإخشيدي، والذي كان عبدًا ووصل إلى حكم مصر، استقر بمصر مدة 3 سنوات قبل أن يرحل هاربًا بعد سبه لكافور الإخشيدي في إحدى أشعاره، واستمر في الترحال بين الكثير من المدن ولكنه لم يتمكن من الاستقرار فيها، لذلك لجأ للبقاء بمدينة شيراز الفارسية، وفي عام 965 قرر الرحيل والرجوع إلى بغداد مرة أخرى، ولكنه قُتل قبل وصوله.

اتصفت أشعار المتنبي دائمًا بالتفاخر بالذات والتكبر، وقد ساعده ذلك في انتشار أشعاره وشهرته، كما كان بارعًا في اللغة كاملة، فكانت بلاغته أفضل من أفضل الشعراء وقتها، وقد قام المتنبي بكتابة أشعاره بالنمط الكلاسيكي، الذي جمع السمات الكلاسيكية مع العناصر السورية العراقية المدموجة.

موت المتنبي

كان المتنبي ضحية لأشعاره، فقد عرضته للكثير من المشكلات أخرها وأصعبها عندما كان في طريقه للرجوع لبغداد وواجه ضبة الأسدي، وكان ضبة الأسدي أحد قطاع الطرق المشهورون بالعراق، وقد أهانه المتنبي في إحدى أشعاره إهانة قوية، مما جعله يتوعد للمتنبي، وينتظر الفرصة المناسبة حتى ينتقم منه، وحانت له هذه الفرصة عام 965، عندما علم برجوع المتنبي لبغداد، فتمكن هو وعصابته من اعتراض طريق المتنبي وقتله هو وابنه وخادمه.

ويقول البعض أنه عندما رأى المتنبي ضبة الأسدي وهو مقدم على مهاجمته هم على الفرار، فذكره الخادم بإحدى القصائد التي كتبها، والتي يتفاخر فيها بمدى شجاعته، فتراجع المتنبي عن فراره وقرر مواجهة الأسدي ولكنه مات بالنهاية.

في النهاية وبعدما استعرضنا لكم اجمل قصائد المتنبي سواء كانت قصائد الغزل أو المديح أو العتاب، نتمنى أن يكون موضوعنا قد نال إعجابكم، وأن نكون قد أثرينا معلوماتكم عن الشاعر الكبير المتنبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى