اسلامياتفقه

قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى

قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى

إن فوات الصلاة من الأمور السيئة التي نهانا عنها الله في العديد من الآيات القرآنية الكريمة، ولكن يمكن أن نتعرض لأمور تجعلنا نؤخر وقت الصلاة وتلك الأمور تكون خارج إرادتنا، فيراودنا سؤال هل قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى مسموح أم ممنوع؟ وإن كان ذلك الأمر مسموح فما هي ضوابطه؟

يعتبر قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى من الأمور المسموحة، ولكن يحدث ذلك الأمر إذا مر الشخص بظروف ضرورية حكمت عليه بأن يؤخرها أو نام قبل موعد الصلاة واستيقظ عند وقت اقتراب الصلاة الأخرى، فيمكنه حين ذلك أن يُصلي الصلاة الفائتة على الفور ومن ثم يُصلي الصلاة الحاضرة، لأنه لا يجب أبدًا على المسلم أن يغير ترتيب الصلوات.

لكن إذا ترك الشخص موعد الصلاة عن عمد، وتكاسل عنها حتى مجيء الأخرى، فذلك بالطبع أمر محرم، ولكن إذا فاتته عن غير عمد فيجب عليه أن يقوم بقضاء الفوائت على الفور وأن تكون مرتبة وذلك يتضح في قول الله تعالى: ِ (…إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103] أي أن الصلاة لا تؤدى إلا في مواعيدها التي قررها الله علينا.

ضوابط قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى

في البداية يجب أن ننبهكم إلى إجماع العلماء على وجوب قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى، وذلك الإجماع يرجع إلى قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الشريف:

“من نسي صلاة فليصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك”.

من ضوابط قضاء الصلوات الفائتة:

يجب أن يكون قضاء الصلوات الفائتة بنفس كيفية أدائها من حيث عدد الركعات، أو إن كانت صلاة مسافر أو مقيم، فتؤدى الصلاة على نفس حالتها قبل فوات أوانها.

اختلف أهل العلم في ترتيب قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى، فجمهور أهل العلم من الحنابلة والحنفية والمالكية وغيرهم قد ذهبوا إلى وجوب الترتيب أي إقامة الصلاة بحسب ترتيبها الذي أقره الله عز وجل علينا، أما الشافعية وبعض العلماء الآخرين، قالوا: إن الترتيب مستحب وليس بواجب، وذلك يرجع إلى أن هدف الترتيب هو أداء كل صلاة في وقتها، أما إذا انقضى وقت الصلاة فلا داعٍ للترتيب حيال ذلك.

أوقات منهي عن الصلاة فيها

كما ذكرنا أن لكل صلاة وقت محدد، ويجب علينا الالتزام به، ولكن إن فاتتنا الصلاة، وجب علينا أن نصليها فور تذكرها، فما هي الأوقات التي لا يجب أن نصلي فيها، وهذه الأوقات تكون منهية عن صلوات النوافل أيضًا التي يكون غرضها التقرب إلى الله، ومن هذه الأوقات:

قد نبهنا سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى الأوقات المنهي فيها عن الصلاة حيث قال في حديثه الشريف:

“ إذا طلَعتِ الشَّمسُ، فإنَّها تَطلُعُ بينَ قَرنيِ الشَّيطانِ وَهيَ ساعةُ صلاةِ الكفَّارِ فدَعِ الصَّلاةَ حتَّى ترتَفِعَ ويذهبَ شعاعُها ثمَّ الصَّلاةُ مَحضورةٌ مَشهودةٌ إلى أن ينتَصِفَ النَّهارُ، فإنَّها ساعةٌ تفتحُ أبوابُ جَهَنَّمَ وتُسجَرُ فدعِ الصَّلاةَ حتَّى يَفيءَ الفَيءُ، ثمَّ الصَّلاةُ مَحضورةٌ مَشهودةٌ إلى غروبِ الشَّمسِ فإنَّها تغربُ بينَ قرنيِ الشَّيطانِ، وَهيَ ساعةُ صلاةِ الكفَّار”

كما اتضح لنا من خلال ذلك الحديث أن الأوقات هي: من طلوع الفجر وحتى ارتفاع الشمس، وعند قيام الشمس في وسط السماء حتى تزول من جهة المغرب، ومن بعض صلاة العصر وحتى غروب الشمس.

آيات قرآنية ترشدنا إلى أهمية الانضباط في أوقات الصلوات

إن الصلاة ثاني ركن من أركان الإسلام، وهي فرض على كل مسلم راشد بالغ، وإن تركها المسلم فهو بذلك قد ارتكب ذنبًا عظيمًا، وعليه أن يتوب ويستغفر الله عن ذلك الذنب العظيم، وقد نص الله عز وجل في عديد من آياته على أهمية الصلاة وعلى ضوابطها.

وكما عرضنا أن لكل صلاة من الصلوات الخمس موعد محدد يجب علينا الالتزام به، ولا يجب أن نتأخر في أدائها بدون عذر قوي، ولا يجب أن نصلي صلاة بعد موعد صلاة أخرى لأن ذلك الفعل محرم، وينص على ذلك المعنى قول الله تعالى:

(…إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103]

أما من قام بالصلاة في غير موعدها وكان ذلك عن عمد ودون أي عذر شرعي، فكان ذلك الشخص مُضيعًا للصلاة، يقول الله تعالى في سورة مريم:

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم: 59]

والمراد من كلمة إضاعة الصلاة، كما أجمع العلماء، أي تأخيرها عن وقتها، يقول الله تعالى:

(فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5)) [الماعون: 4-5]

ففي هذا النص القرآني تحذير صريح لمن يضيعون صلاتهم، ويسهون عنها قصدًا، فعلينا جميعًا أن نحافظ على صلواتنا في مواعيدها المحددة لها، حتى ننال رضا الله عز وجل علينا، ونتجنب الوقوع في الأخطاء الأخرى، يقول الله تعالى:

(…إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۗ…) [العنكبوت: 45]

يعتبر هذا تأكيد واضح من الله على أن الصلاة تمنعنا عن ارتكاب أية أخطاء، وأية أفعال تغضب الله، وذلك بالطبع يحدث إن أحسنا أداء الصلاة في مواقيتها.

وإذا تاب الشخص عن فعل إضاعة الصلاة توبة نصوحة بمعنى أن ترك هذا الفعل، فإن الله عز وجل يمحو ذنبه، يقول الله تعالى: في سورة مريم:

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شيء (60)) [مريم: 59-60]

ففي هذا النص القرآني العظيم يوضح لنا الله عز وجل أنه إذا أضعنا الصلوات بسبب الشهوات فسنلقى العذاب، أما إذا استغفرنا الله وقمنا بالتوبة، وتركنا ذلك الفعل، وقمنا بأداء الأعمال الصالحة، فسيكافئنا الله بدخول الجنة.

إن قضاء الصلاة الفائتة إذا دخل وقت الأخرى أمر وارد حدوثه ولكن بضوابط معينة ولظروف محددة، لأن الصلاة يجب أن تؤدى في أوقاتها المحددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى